الاثنين، 4 يناير 2016

مراحل الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830



المحاضرة الرابعة : مراحل الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830
أ‌-                  مرحلة الحصار البحري الفرنسي للسواحل الجزائرية 1827-1830
ب‌-             مرحلة اعداد مشروع الحملة العسكرية على الجزائر
ت‌-             الاستعداد الفرنسي للحملة العسكرية على الجزائر ( مرحلة التحضير للحملة )
ث‌-             الاستعدادات الجزائرية للحملة
ج‌-               انطلاق الحملة من ميناء طولون إلى سيدي فرج
ح‌-               سقوط العاصمة و بداية الاحتلال .
خ‌-               التوسع الفرنسي في الجزائر .
د‌-                  النتائج الأولية للاحتلال و ردود الفعل داخليا و خارجيا

أ‌-                 مرحلة الحصار البحري الفرنسي للسواحل الجزائرية  1827-1830 :
وصل خبر حادثة المروحة إلى فرنسا في الوقت الذي تصاعد فيه نشاط المعارضة ضد ملك فرنسا شارل العاشر ، فحاولت المعارضة استعمالها ضد الحكومة ، لكن هذه الخيرة تحركت لتجعل من الحادثة ورقة رابحة في يدها هي لا في يد المعارضة .
    و عليه كان رد فرنسا على حادثة المروحة إرسال قطعة من أسطولها أمام الجزائر بقيادة القبطان كولي (  Collet ) ، و قد وصلت القطعة يوم 12 جوان 1827 ، و صعد القنصل دوفال سفينة القبطان  . جاء كولي يطلب من الباشا ( الداي حسين ) أن يأتي شخصيا إلى السفينة و يعتذر للقنصل ، و لما كان معروفا مسبقا أن الباشا لن يرضى بذلك فقد اشتملت تعليمات كولي على اقتراحات أخرى هي :
·        أن يستقبل الباشا القبطان و رئيس أركانه و القنصل بمحضر الديوان و القناصل الأجانب و يعتذر أمامهم إلى دوفال .
·        أن يرسل بعثة برئاسة وكيل الحرج ( وزير البحرية ) إلى قطعة الأسطول الفرنسي ليعتذر باسم الباشا إلى القنصل .
·        أن يرفع العلم الفرنسي على جميع القلاع الجزائرية ، بما في ذلك القصبة و تطلق مائة طلقة مدفع تحية له.
و كانت تعليمات كولي تقتضي أنه في حالة قبول الباشا أحد الحلول الثلاثة يتقدم إليه بعد ذلك بعدة مطالب فرنسية تتضمن :
-        دفع التعويضات
-         معاقبة الجزائريين المسؤولين عن الأضرار بالمنشآت الفرنسية .
-         تسليح هذه المنشآت في المستقبل .
-        اعلان الجزائر أنه لا حق لها في دين بكري.
-        في حالة عدم استجابة الداي لواحد من هذه الاقتراحات المذكورة يعلن الحصار رسميا على الجزائر.
و من جهة الجزائر توجه الحاج أحمد باي برسالة إلى المسؤولين في عنابة يوم 14 جوان 1827 وضح فيها أن السلطة لم تكن تريد تصعيدا مع فرنسا ، كما دعى هؤلاء المسؤولين إلى اليقظة و المراقبة الصارمة لجهة البحر " ليلا و نهارا " . على صعيد آخر أوصى في رسالته موظيفي بايلك الشرق بحسن معاملة الفرنسيين و عدم التعدي عليهم أو ظلمهم.
      و في 15 جوان 1827 أرسل كولي عن طريق قنصل سردينيا في الجزائر الكونت D’Attili الذي أصبح يرعى المصالح الفرنسية بعد انسحاب دوفال انذارا للداي حسين ، و أعطاه أجل قبول هذه الاقتراحات أربعة و عشرين ساعة فقط ( 24 ساعة) ، و كان رد فعل الداي أنه لا يفهم أنه بدلا من أن تعين فرنسا قنصلا جديدا و تكتب إليه مباشرة لجأت إلى ارسال إنذار مضحك مع ضابط بحرية .
     و عندما انقضى أجل الانذار بدون رد أعلنت فرنسا الحرب على الجزائر في يوم 16 جوان 1827 في غياب الأسطول الجزائري الذي كان في طريقه إلى اليونان لمساعدة الدولة العثمانية في معركتها البحرية المشهورة نافارين ، و قد ظل إعلان الحرب من فرنسا على الجزائر في شكل حصار بحري لميناء الجزائر.   بغرض تحقيق عدة أهداف نوجزها فيمايلي :
1-               قطع التموين عن الجزائر ، و بالتالي إضعاف قوتها الاقتصادية المعتمدة على النشاط البحري .
2-                إغلاق الباب أمام أي تدخل محتمل من طرف الدولة العثمانية أو الدول الأوروبية المنافسة لها من جهة .
3-               إعطاء الوقت الكامل لمساعيها الدبلوماسية لإقناع الدول الأوروبية بجدوى احتلال الجزائر مدعية أن ذلك في صالح أوروبا و المسيحية عموما.
 و كرد فعل على هذا الحصار أمر داي الجزائر باي قسنطينة بالاستيلاء على المنشآت الفرنسية الواقعة في إقليمه. و في بعض الروايات التاريخية تقول أن الداي حسين أمر بتخريبها .
    الجدير بالذكر أن البحارة الجزائريين عملوا على فك الحصار ، فقاموا بمحاولات عديدة منها محاولة 4 أكتوبر 1827 ، أين تمكنت 11 قطعة بحرية تحمل متطوعين من الخروج من ميناء الجزائر ، فخرجت خمس قطع فرنسية من خط الدفاع لتواجهها ، و جرت معركة و اشتباكات عنيفة بين الطرفين دامت ساعتين ، لتنتهي بانسحاب الجزائريين و عودة القطع الفرنسية إلى خط دفاعها. 
    و من جهة أخرى تواصلت القرصنة البحرية بين فرنسا و الجزائر ، ففي شهر أوت من عام 1827 استولى الرياس على سفينتين فرنسيتين في مياه وهران و أسروا بحارتهما ، لكن الفرنسيين تمكنوا يوم 25 أكتوبر من نفس السنة من إغراق أربع سفن غرب مدينة الجزائر ، و في 22 ماي من سنة 1828 أغار الفرنسيون على ميناء وهران و تمكنوا من استرجاع إحدى سفينتيهم اللتين وقعتا بيد الجزائريين .  
   و بعد هذه الاصطدامات رابطت حوالي 12 قطعة بحرية قبالة الموانئ الجزائرية و شكلت دورية بحرية من 6 قطع أخرى ، و كلفت قطع أخرى بمراقبة الملاحة و توفير الأمن لها ، و وضعت قطع أخرى في حالة استنفار دائم. و هكذا أصبح عدد القطع البحرية المكلفة بالحصار حوالي خمسين قطعة ( 50 قطعة بحرية ).
ب‌-             اعداد مشروع الحملة العسكرية على الجزائر :
بقي الحصار مستمرا على الجزائر و بالمقابل فتحت فرنسا باب المفاوضات مع الجزائر تهدف منها إلى إلغاء الحصار بطريقة مشرفة ، فبعثت عدة وفود لغرض استئناف المفاوضات ، منها البعثة التي ذهبت الى الجزائر بقيادة الضابط بيزار ( Bézard ) في 29 أفريل 1828 ، و لكن البعثة فشلت في التفاوض مع الداي حسين لإصراره على عدم دفع تعويضات إلى فرنسا . و تلا ذلك بعثة أخرى بقيادة نفس الضابط التي فشلت أيضا لأن الباشا رفض أحد الشروط الفرنسية الأساسية و هو إرسال وزير من حكومته إلى باريس للاعتذار ، و اشترط أن يفعل ذلك فقط بعد توقيع معاهدة صلح مع فرنسا.
   و ففي جويلية 1829 وصل مبعوث خاص من شارل العاشر ملك فرنسا ، للمفاوضات مرة أخرى مع الداي حسين ، و كانت شروطه التي رفضها الداي حسين قائلا : " لدي بارود و مدافع ." :
·        رد الاعتبار للشرف الفرنسي المهان.
·        إطلاق سراح الأسرى الفرنسيين.
·        إنهاء فرض الاتاوة.
·        إنهاء القرصنة.
 و خلال مدة الحصار البحري على مدينة الجزائر التي دامت ثلاث سنوات ضعفت القوات الفرنسية و نفذت ذخيرتها و انقرض معظم جيش الضابط كولي ، و تكسرت أكثر المراكب و كانت خاتمة أمر هذا الضابط بقتله ، و في هذا الصدد ذكر بعض المؤرخين أن النفقة على هذا الحصار كانت أكثر من عشرين مليون فرنك ، و بالمقابل الجزائر لم يلحقها ضرر كبير .
     إن تكاليف الحصار الباهظة سواء من حيث تكاليف الأسطول أو من حيث الخسائر التي لحقت التجارة الفرنسية التي كانت مهددة بسبب عدم توقف القرصنة الجزائرية بصفة نهائية إلى درجة أن التجارة الفرنسية عادت إلى أسلوب القوافل ، أو من حيث الخسائر البشرية  من جهة و أمام فشل المفاوضات مع الجزائر  ، و إصرار فرنسا على مطالبها بإرغام الداي على الاعتذار و دفع تعويضات و إصراره بدوره على الرفض ، جعلت فرنسا ترى عدم نفع حصارها البحري على الجزائر ، و تخطط لتنتقل إلى الخطوة الثانية المتمثلة في تحويل الحصار إلى حملة .
     يذكر بعض المؤرخين أنه من اليوم الذي أمر ملك فرنسا شارل العاشر من الضابط كولي ضرب حصار بحري على مدينة الجزائر شرعت فرنسا في اعداد مشروع الحملة ، و أعدت عدة مشاريع من طرف جنرالات و نواب. حيث ارتفعت بعض الأصوات تنادي بالعودة إلى مشروع نابليون المتعلق باحتلال مدينة الجزائر ، و من بين الذين كانوا متحمسين للمشروع نجد المركيز كليمون طونير وزير الحربية الذي قدم تقريرا إلى الملك يوم 14 أكتوبر 1827 ، يتضمن مشروعا مفصلا لعملية غزو مدينة الجزائر جاء في مقدمته " الحرب قائمة مع مدينة الجزائر ، كيف يمكن إنهاؤها بشكل مفيد و مجيد لفرنسا ؟ هذه هي المسألة التي يجب فحصها."
    كما جاء في تقريره أنه لا فائدة من الحصار ، موضحا في ذات الوقت الأسباب التي تحتم الحملة و تستجيب ل " حق " الملك في القيام بها ، كما استعرض في تقريره الوسائل التي لابد منها لانجاز العملية. يذكر أن المشروع الذي تقدم به وزير الحربية كليمون طونير إلى ملك فرنسا شبيه بالمشروع الذي اقترحه الجاسوس بوتان في عهد نابليون ،  و لكن في نهاية الأمر اتبعوا خطة بوتان –السابقة الذكر
    و من جهته أعد رئيس مجلس وزراء فرنسا " بولينياك " خطة تتمثل فيما ينبغي  أن تكون عليه الجزائر بعد الانتصار عليها ، و اقترح على مجلس الوزراء حرية الاختيار بين البدائل التالية :
-        إبقاء الداي في حكم الجزائر على أن تشرف فرنسا عليه من الناحية العسكرية فيحدد له عدد الجيش و الأسطول الذي يستطيع الداي الاحتفاظ به .
-        إعادة الجزائر إلى الدولة العثمانية لإنشاء  حكومة منظمة فيها تضمن احترام الجزائريين للملاحة في البحر الأبيض المتوسط.
-        أن تتقاسم فرنسا الجزائر مع الدول الأوروبية و خاصة انجلترا.
-        أن تحتل فرنسا الجزائر بصورة دائمة و أن تستغلها اقتصاديا .
و بالطبع فإن الاقتراح الرابع هو الذي وقع عليه الاختيار بعد الانتصار الفرنسي على الداي و زوال حكومته.
    و بناء على ما تقدم و بعد ثلاث سنوات من الحصار و فشله في إرغام الداي على تقديم الاعتذار ، و بعد ثلاث سنوات من تصاعد قوة المعارضة اليبرالية لنظام شارل العاشر ، قرر مجلس الوزراء الفرنسي يوم 31 جانفي 1830 تنظيم حملة على مدينة الجزائر ، حدد الوزير الأول بولونياك أهدافها بقوله " هناك مصلحتان متمايزتان ، و لكنهما متصلتان اتصالا وثيقا ، قد أدتا الى الاستعدادات التي جرت في موانئنا ، احداهما تخص فرنسا بالدرجة الأولى : و هي الثأر لشرف رايتنا ، و الحصول على تصحيح الأخطاء التي كانت السبب المباشر في النزاع ، و للمحافظة على ممتلكاتنا من الاعتداءات و أعمال العنف التي تعرضت لها في كثير من الأحيان ، ثم الحصول على تعويض مالي ، بالقدر الذي تسمح به دولة الجزائر ، على مصاريف الحرب التي لم نتسبب فيها . أما المصلحة الثانية التي تهم البلاد المسيحية عامة ، فهي إلغاء الرق و القرصنة و دفع الجزية التي مازالت أوروبا تدفعها إلى ولاية الجزائر."
ت‌-             الاستعداد الفرنسي للحملة العسكرية على الجزائر ( مرحلة التحضير للحملة ):
بعد أن تقررت الحملة بصفة فعلية ، عملت فرنسا في اتجاهين :
1-              تحضير الحملة بشريا : تم تعيين كل من " دوبري " قائدا للقوات البحرية ، و " البارون ديني " معتمدا عسكريا ، و كلف الجنرال " فالازي " بالهندسة ، كان على هؤلاء أن يشرفوا على عمليات التحضير .
و على صعيد آخر عين الجنرالات قبل انطلاق الحملة بشهرين ليتمكنوا من التعرف على جنودهم ، حيث عين " بيرتزين " على رأس الفرقة الأولى التي عسكرت بين طولون و دراغينيون ، و عين لوفيردو على رأس الفرقة الثانية التي عسكرت بين طولون و إيكس ، و وضع الدوق كارس على رأس الفرقة الثالثة التي عسكرت في إيكس . علما أن مجموع جنود الفرق الثلاث كان أكثر من 25 ألف رجل ، أما الخيالة فحوالي 500 فارس ، عسكروا في تارسكون ، بينما عسكرت الهندسة التي كانت تتكون من 8500 رجل في ضواحي أرل ، و احتلت المدفعية التي بلغ عدد رجالها 2500 أبواب طولون ، و أخيرا عين وزير الحربية نفسه الكونت " دوبورمون " على رأس الحملة ، و كان تحت إمرته 17 ضابطا برتبة جنرال.
      و من جهة أخرى ضمت الحملة بالإضافة إلى العسكريين هيئة من مترجمين بلغ عدد أفرادها حوالي 40 مترجما ، منهم " جورج كاروي " و " ليون أياس " ،  كما رافق الحملة رسامون .
2-              تحضير الحملة ماديا : تطلب تحضير الحملة ماديا حوالي ثلاثة أشهر من العمل ليلا نهارا ، عين أصبح العتاد جاهزا في الأيام الأولى من شهر ماي ، تجمعت 100 بارجة تملكها الدولة و 500 سفينة تجارية في مرسيليا و طولون ، كما جمعت كمية ضخمة من الملابس و من الخيام و الأغطية و أغذية شهرين و الأعلاف و العربات و أدوات شق الطرق و الأخشاب و الحواجز و كمية ضخمة من الخراطيش ( 5 ملايين خرطوشة ) و أكثر من 280 ألف كلغ من البارود و عتاد التلغراف ، و حملة الحملة  معها كذلك مطبعة ...الخ. علما أن هذا العتاد الضخم كان كله جاهزا على متن السفن قبل 15 ماي.
3-              تهيئة الرأي العام الداخلي و الدولي :
تمكنت فرنسا من أن تحصل على موافقة اسبانيا للاستعمال موانئها و إقامة مستشفى في ماهون بالبليار يستعمل لعلاج الجرحى و المرضى ، كما نجحت في ضمان حياد حسين باي تونس في حربها مع الجزائر منذ 1828 ، بل سمح هذا الباي بتسهيل تموين الحملة ان اقتضت الضرورة لذلك . و من جهته التزم يوسف باشا طرابلس بالعمل على شل قوات محمد علي إن جاءت من مصر .  أما المغرب الأقصى الذي عبر عن امتناعه الصريح بتقديم العون للجزائر ، فقد سمح سلطانه مولاي عبد الرحمن للفرنسيين بالتزود من موانئه في حالة الضرورة كذلك .
    و لم تلق فرنسا موقفا رافضا بصراحة سوى من انجلترا التي كانت تنظر إلى الحملة بعين الريبة و الشك ، إلى درجة أنها طالبت بتوضيحات خاصة بالحملة ، غير أن وزير البحرية الفرنسية لم يرفض تقديم التوضيحات فحسب بل رد على السفير الانجليزي متحديا إياه " امنعونا إن أردتم أو بالأحرى إن استطعتم ." 
ث‌-             استعدادات الجزائر لمواجهة الحملة :
بينما كانت فرنسا تستعد للقيام بحملة عسكرية ضد الجزائر كانت هذه تستعد أيضا لمواجهة الحملة ،حيث اقدم الداي حسين باشا على تخصيص مرتبات لعدد من  الجواسيس في كل من ايطاليا ومرسيليا وطولون و باريس ، فنقلوا إليه خبر استعداد فرنسا لغزو المدينة و أنها أعدت أسطولا رهيبا لإرساله ،    و قد أكد هذا الخبر سفينتان جزائريان استطاعتا أن تتسللا ليلا بين السفن الفرنسية المحاصرة ، كانت أحداهما تحمل العلم الانجليزي و الأخرى العلم الايطالي ، و من ضمن الأخبار التي نقلت أيضا أن الأسطول سيبلغ الشواطئ الجزائرية في شهر ماي 1830 ، و أنه سيرسو على الأرجح غرب المدينة في شبه جزيرة سيدي فرج . 
    و لهذا كان حسين باشا على علم بتفاصيل الحملة قبل وقوعها ، لكن رغم الأخبار التي جاءته من الجواسيس تنذره بوقوع الحملة الفرنسية على الجزائر ، إلا أنه اعتقد أن ذلك لن يتعدى الضرب من البحر( غارة بحرية )  شأنها شأن الحملات الأوربية السابقة ستفشل لا محالة كما فشلت سابقاتها.
   و من جهة أخرى كان الداي حسين لا يزال على الاعتقاد بأن الفرنسيين لن يتخلوا عن فكرة التفاوض رغم استعداداتهم لحملة ، و كان يساعده على اعتقاده كثرة الرسل و البعثات التي جاءت طالبة التفاوض منذ إعلان الحصار.
    إن ثقة الداي حسين في عدم هجوم فرنسا برا على مدينة الجزائر هي التي منعته من تحصين سيدي فرج و استعمال كل إمكانياته ، و كما يقول حمدان خوجة في كتابه " المرآة "  " في سيدي فرج لم تحضر المدفعية ، و لم تحفر الخنادق و لم يكن هناك سوى 12 مدفعا كان الآغا السابق ( يحي آغا) قد نصبها في بداية اعلان الحرب ." مضيفا بقوله " و في اليوم الذي نزل فيه الماريشال دوبورمون مع جيشه لم يكن تحت تصرف الآغا سوى 300 فارس ، و لم يكن مع باي قسنطينة إلا عدد قليل جدا من الأجناد ، لأنه لم يكن مستعدا لخوض المعركة ، و كان باي التيطري في المدية ، و لم يصل منها إلا بعد بضعة أيام "  الإنزال الفرنسي .
    و من جهة أخرى لم يكن ابراهيم آغا قادرا على مواجهة الفرنسيين ، حيث لم يكن قائدا ممتازا في يوم من الأيام ، و لم بعرف الشيء الكثير من التكتيك العسكري .  إن " الآغا ابراهيم لم يعد أي شيء و لم يتخذ أي نوع من التدابير و لم يعطي أي أمر ، و هكذا إذن كان هذا الآغا يريد محاربة الفرنسيين بدون جيش منظم و لا ذخيرة حربية و لا مؤن ، و لا شعير للخيل ، و بدون أن تكون له المقدرة الضرورية للقيام بالحرب."
    و لم يكتف ابراهيم آغا بعدم القيام بأية استعدادات لصد العدو ، بل إنه عارض اقتراحات زملائه أمثال الحاج أحمد باي قسنطينة الذي رأى أنه ليس من السياسة في شيء أن تجمع القوات الجزائرية في نقطة واحدة ، و إن من الواجب توزيعها بحيث يحمل جزء منها إلى غربي سيدي فرج ، و معنى ذلك أن الفرنسيين إذا لاحقوا الجيش ، فإنهم سيبتعدون عن هدفهم الذي هو مدينة الجزائر ، و سيكون ذلك لصالح الجزائر ، إذ يستطيع الجيش البدء بالهجوم. و اذا قصد الفرنسيون مدينة الجزائر ، فإن الجيش الجزائري سيهاجمهم من الخلف و الانتصار عليهم ، كما اقترح باي قسنطينة أن يتولى كل قائد الاعتناء بجزء من الجيش .و يكون مقر القيادة مدينة الدار البيضاء
    و كان رد ابراهيم آغا من هذه الاقتراحات بقوله " إنكم لا تعرفون التكتيك الأوروبي ، إنه يتعارض كل المعارضة مع تكتيك العرب . " و رأى باي قسنطينة في هذه الإجابة البليدة إهانة له ، لذلك التزم الصمت و لم يسمح لنفسه بإبداء أية ملاحظة أخرى.
   و " لولا كان الآغا يحي على رأس الجيش الجزائري بدل ابراهيم آغا لكانت الأمور أحسن حالا ، لأن تجاربه في البحر و البر و شجاعته في كل المناسبات تكون ضمانا للجندي الذي يعمل تحت أوامره."
    أما من جهة داي الجزائر فقد أرسل المراسيل إلى داخل البلاد يدعون إلى الجهاد ضد الفرنسيين ،فاستجاب لندائه الرسميون و الأهالي على السواء ، فوعده الحاج أحمد باي قسنطينة ب 30 ألف محارب ، و وعد حسن باي وهران ب 6 آلاف محارب ، و وعد مصطفى بومرزاق باي التيطري ب  20  ألف محارب ، و جمع شيوخ جرجرة بين 16 و 18 ألف محارب ، و جمع أهالي ميزاب حولي 4 آلاف محا رب. و أرسل الداي حسين أيضا إلى باي وهران يأمره بتحصين الميناء ، كما أرسل إلى باي قسنطينة يأمره بتحصين ميناء عنابة و يستقدمه إلى العاصمة طبقا للتقاليد التي تقتضي القدوم كل ثلاث سنوات  ، كما أمر بإجراء إحصاء لعمال مدينة الجزائر و إرسالهم إلى القلاع للدفاع عنها.
     و رغم هذه الاستعدادات الظاهرية للجزائر إلا أن
ج‌-              انطلاق الحملة من ميناء طولون إلى سيدي فرج :
غادرت الحملة الفرنسية بقيادة الجنرال وزير الحرب " دي بورمون " ميناء طولون الحربي يوم 25 ماي 1830 ، متجهة إلى الجزائر ، و قد وصلت الحملة إلى ميناء العاصمة الجزائرية في 14 جوان 1830 و نزلت بشبه جزيرة سيدي فرج غربي العاصمة على بعد 28 كلم ، وفق خطة بوتان التي وضعها في عهد نابليون ، و التي أكد فيها أن تلك المنطقة هي نقطة الضعف في الدفاع الجزائري .
     كما قضت خطته أن أنجع طريقة للانتصار هي النزول بهذه المنطقة ، ثم مهاجمة مدينة الجزائر برا من ناحية الجنوب ، لعلم بوتان بإهمال الأتراك التحصينات البرية ، و اكتفائهم بالدفاعات البحرية القوية .
    و في غياب خطة عسكرية دفاعية و اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع الحملة من النزول إلى البر ، نجح الفرنسيون دون مقاومة تذكر و استولوا على سيدي فرج ، و انتصروا على قوات الداي في اسطاوالي  أين كان معسكر القوات الجزائرية في 19 جوان 1830.
    و واصلت قوات دي بورمون في الزحف على الجزائر العاصمة تبعا للخطة التي رسمها بوتان ، و في 4 جويلية سقط " برج مولاي الحسن "  في يد الفرنسيين بعد أربعة أيام من المعارك. و هو الحصن الذي يشرف على العاصمة و الوحيد الذي كان يحمي المدينة من الجهة الجنوبية و الجهات البرية بصورة عامة . و عندما يئس الأتراك من ايقاف الهجوم الفرنسي على الحصن أضرموا النار في خزينة الذخيرة و فجروا الحصن ، لئلا يستخدمه الفرنسيون لقصف العاصمة .
   و أمام هذا الوضع الحرج جمع الداي حسين أعيان المدينة و رجال القانون و الدين وشرح لهم الوضع الذي تمر به البلاد و طلب منهم النصيحة  فيما يفعل لمواجهة الموقف. و قد وضع أمامهم السؤال التالي: هل من الصواب مواصلة المقاومة ضد الفرنسيين ؟ أو يجب تسليم المدينة إليهم و التوقيع معهم على معاهدة الاستسلام ؟ و بعد تقليب الموضوع من عدة وجه أجابوه بجواب غامض ، و هو أنهم  على استعداد لمواصلة الحرب ، و لكن إذا كان رأيه غير ذلك فهم يطيعون أوامره .
  و في ليلة 2 جويلية عام 1830 م أي قبل ثلاثة أيام من دخول الجيش الفرنسي للمدينة ، اجتمع عدد من أعيان مدينة الجزائر  و قرروا أن ضياع المدينة أصبح أمرا محتما ، و أنه إذ ما دخلها الفرنسيون عنوة فإنهم سيبيحونها وينهبون ثرواتها و يعتدون على النساء و يقتلون الأطفال ، و رأوا ، تفاديا لذلك قبول اقتراح الباشا ( الداي حسين ) الثاني الذي ينص على الاستسلام بعد توقيع معاهدة ، مقتنعين أن فرنسا ستترك الجزائريين يتمتعون بدينهم و تقاليدهم و ستترك لهم أموالهم و مساجدهم و زواياهم .
  و بناء على ذلك قرروا عدم مقاومة الفرنسيين عند دخول المدينة و أرسلوا وفدا عنهم إلى القصبة لمقابلة الباشا و اطلاعه على ما اتفقوا عليه. و قد أجابهم بأنه سينظر في القضية خلال اليوم التالي.     و في يوم 4 جويلية 1830 أرسل الداي حسين كاتبه مصطفي مصحوبا بالقنصل الانجليزي و أحمد بوضربة و حمدان بن عثمان خوجة كمترجمين إلى مقر القيادة الفرنسية للتفاوض مع  "دي بورمون" . و عرض عليه الصلح ، حيث كان الداي مستعدا لتحقيق الأمور التالية :
-        التنازل عن كل الديون
-        الدفع نقدا كتعويض عن الاعتذار
-        إعطاء جميع الامتيازات للتجارة الفرنسية .
-        تعويض جميع نفقات الحملة
و لكن دي بورمون رفض هذه العروض و أصر على استسلام الداي و تسليم العاصمة ، فعرض عليه عن طريق رسوله وثيقة تتضمن الشروط التالية :
·          يسلم حصن القصبة ، و كل الحصون التابعة للجزائر ، و ميناء هذه المدينة إلى الجيش الفرنسي صبيحة يوم 5 جويلية 1830 على الساعة العاشرة.
·        يتعهد القائد العام للجيش الفرنسي تجاه صاحب السمو ، داي الجزائر ، بترك الحرية له ، و حيازة كل ثرواته الشخصية
·         للداي حسين كامل الحرية في اختيار المكان الذي يرغب السفر إليه رفقة عائلته و أمواله ، و يكون تحت حماية القائد العام الفرنسي طوال اقامته في الجزائر ، وسيتولى حرس ضمان أمنه الشخصي و أمن أسرته.
·        يتمتع الجنود الأتراك التابعين للجيش الجزائري بالحقوق المقررة في الفقرات السابقة ( أي نفس الامتيازات و نفس الحماية .)
·        ستبقى ممارسة الشعائر الدينية الاسلامية حرة ، و لن يلحق أي مساس بحرية السكان من مختلف الطبقات ، و لا بدينهم ، و لا بأملاكهم ، و لا بتجارتهم و صناعتهم ، و ستكون نساؤهم محل احترام و يتعهد القائد العام الفرنسي بذلك عهد شرف.  
·        سيتم تبادل هذه المعاهدة قبل الساعة العاشرة ، و سيدخل الجيوش الفرنسية عقب ذلك حالا إلى القصبة ، ثم تدخل بالتتابع كل الحصون المدينة البحرية .
و اضطر الداي إلى قبول الشروط الفرنسية السالفة الذكر ، و وقع على وثيقة الاستسلام يوم 5 جويلية 1830
ح‌-              سقوط العاصمة و بداية الاحتلال :
في يوم 06 جويلية 1830 م دخل الجنود الفرنسيين مدينة الجزائر من الباب الجديد بأعلى المدينة و أنزلت أعلام دولة الداي من جميع القلاع و الأبراج و ارتفعت في مكانها رايات الاحتلال الفرنسي ، و أقيمت صلاة للمسيحيين و خطب فيها  كبير قساوسة الحملة ، فقال مخاطبا قائد الحملة الفرنسية:  " لقد فتحت بابا للمسيحية على شاطئ إفريقيا ."   و في يوم 10 جويلية رحل الداي عن مدينة الجزائر و توجه إلى نابولي بإيطاليا ، ثم التحق بفرنسا ، و أخيرا توجه إلى الاسكندرية حيث أقام بها حتى وفاته و دفنه بها سنة 1834 .
   و هكذا  " تحولت الحملة في غضون أيام إلى احتلال ، و تحول تأديب الداي حسين باشا إلى تأديب شعب و أرض ، و تحول الانتقام من " الترك المستبدين الغرباء " إلى انتقام من صاحب الدار نفسه لأنه عربي و مسلم و لأنه رفع سلاح المقاومة في وجه الاحتلال ، و أخيرا تحول المحررون إلى غزاة نقلوا حربهم من مدينة الجزائر إلى مختلف أنحاء القطر شرقا و غربا و جنوبا. "
خ‌-              مرحلة توسع الاحتلال الفرنسي في مختلف المناطق الجزائرية  :
بعد سقوط مدينة الجزائر خرج دي بورمون يوم 23 جويلية 1830 في حملة عسكرية لتوسيع رقعة الاحتلال بالداخل ، فحاول احتلال مدينة عنابة في 2 أوت من نفس السنة ، إلا أن مقاومة سكانها جعلته ينسحب منها ، و في 13 أوت 1830 حاولت فرنسا احتلال مدينة وهران و المرسى الكبير ، غير أن المقاومة الشعبية اضطرت الحملة الفرنسية لعودة إلى العاصمة منهزمة و التي كانت من نتائجها قطع رأس ابن  قائد الحملة على الجزائر العاصمة و وزير الحربية " دي بورمون "  المسمى " أميدي ".
   و في نفس اليوم ( أي 13 أوت 1830  ) تم تعيين " كلوزال " كأول جينيرال حاكما عاما للجزائر ، و في 20 أوت 1830 بعد الانقلاب الذي حدث ضد الملك شارل العاشر تم نفي دي بورمون إلى اسبانيا .
   قام كلوزال بإعادة تنظيم الجيش الفرنسي بعد هزائمه في مختلف مناطق الجزائر ، و أنشأ أول فرقة مشاة من بعض الجزائريين المرتزقة " الزواف " في أكتوبر 1830 ، و كان الهدف من إنشاء تلك الفرقة الاقتصاد في المال و الدم الفرنسي و ضرب الجزائريين بعضهم ببعض .
    و في 18 نوفمبر 1830 تمكنت الحملة العسكرية بقيادة " بواييه " من دخول مدينة البليدة الذي حول مسجد البليدة إلى مستشفى عسكري ، و في 22 نوفمبر من نفس السنة تم احتلال المدية.
    و في 16 ديسمبر 1830 نجحت القوات الفرنسية في الاستيلاء على وهران ، و في عام 1833 لستولت فرنسا على أرزيو و مستغانم و بعض المناطق المجاورة لهما .
   استمرت المناوشات بين المجاهدين و قوات العدو في متيجة خلال 1833 - 1834 ، و ظلت فرنسا خلال ذلك محاصرة في العاصمة ، حيث لم يقم العدو بغزوات جديدة إلا على المدن البحرية .
    يذكر أن اللجنة الافريقية التي ارسلت الى الجزائر عام 1833 للتحقيق في الأوضاع و الأحوال في هذا البلد اقترحت أن تكتفي القوات الفرنسية باحتلال المناطق الساحلية فقط ، و عدم التوغل إلى الداخل إلا لضرورة الدفاع عن المناطق الساحلية ، لكن القوات الفرنسية توغلت نحو المناطق الداخلية ، و قامت بالاستيلاء عليها حتى وصلت إلى جانت سنة 1911 .
   الجدير بالذكر أن المستعمر الفرنسي لم يتمكن من احتلال كامل التراب الوطني إلا بعد حوالي أربعين سنة ( 40 سنة ) من الكفاح ( 1830-1870) ، حيث بدأ أول الأمر باحتلال المدن الساحلية ، مثل بجاية و وهران و مستغانم و عنابة ، و منها زحف على المدن الداخلية – كما أشرنا سابقا-
د‌-                أسباب الهزيمة :
1-              إعدام الداي حسين قائد جيشه " يحي آغا " في سنة 1827 و استبداله بصهره ابراهيم آغا الذي لا يفهم شيئا في فن الحرب أو قيادة الجيش . و ابتداء من هذه السنة و إلى يوم 5 جويلية 1830 بقي الجيش بدون قائد حقيقي .
2-              عدم وضع خطة أو استراتيجية مدروسة و دقيقة لمواجهة الجيش الفرنسي . حيث الخطة الدفاعية التي وضعها الآغا ابراهيم لإعاقة الانزال البحري للجيش الفرنسي كانت غير مجدية ، بل جاءت متأخرة عن أوانها ، لأن تحصين شاطئ سيدي فرج كان يحتاج إلى وقت طويل .
3-               رفض الآغا ابراهيم اقتراح الحاج أحمد باي قسنطينة .
4-               عدم إعداد الدفاعات الكافية عند ميناء سيدي فرج .
5-               سوء تنظيم القوات الجزائرية التي كانت تهاجم العدو بطريقة فوضوية ، فضلا عن افتقارهم للتدريب و الانضباط .
6-               اختلال ميزان القوة المادية و البشرية و التنظيمية لصالح الفرنسيين.
النتائج الأولية للاحتلال:
-1 نهاية الحكم العثماني في الجزائر
-2 قرار إلحاق الجزائر بفرنسا في 22 -07 -1834
-3 تحويل الكثير من المساجد إلى كنائس ، مثل جامع كتشاوة.
-4 بداية المقاومة الشعبية  للاحتلال .
-5 طرد العثمانيين من الجزائر.
-6 نهب خزينة الداي و خزينة الدولة.
-8 مصادرة الأوقاف الإسلامية.
المواقف الدولية من احتلال الجزائر :
   تباينت المواقف الدولية من سقوط الدولة الجزائرية بأيدي القوات الفرنسية بين مؤيد و معارض و متحفظ ، و فيما يلي سنذكر أهم هذه المواقف :
1-              على المستوى الغربي :
كان موقف الدول الأوروبية في عمومه مؤيد للغزو و الاحتلال ، و فيما يلي سنستعرض أهم  ردود  فعل الدول الغربية :
·        روسيا : أيدت روسيا الحملة بلا تحفظ و دعمته بمهندسين عسكريين ، و صرحت بأنها تنظر يعين الرضا إلى احتفاظ فرنسا بمركز قوي في الجزائر لصيانة أمن الملاحة في البحر المتوسط ، لأنها رأت في ذلك تقليلا للاهتمام فرنسا بالشرق و البلقان ( محط أنظار روسيا) ، كما أملت أن تحظى بدعم فرنسا لأطماعها في الدولة العثمانية ، و تهديد المصالح البريطانية في البحر المتوسط.
·        ألمانيا : أيدت الحملة .
·        اسبانيا : تحفظت من العدوان الفرنسي على الجزائر لاعتقاد بعض أوساطها السياسية و العسكرية بأحقيتها في احتلال القطاع الوهراني من الجزائر ، نظرا لوجودها السابق بوهران و المرسى الكبير لما يقرب من ثلاثة قرون ، و لارتباطها باتفاقية تجارية مفيدة مع الجزائر ، و حرصها على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع بريطانيا ، لكن هذا لم يمنعها في سياق مناصرة الرأي العام الأوروبي لعملية الغزو من السماح للحملة الفرنسية بالتوقف بجزر الباليار للتمون و إقامة مستشقيات بميناء ماهون ( Mahon ) كما سبقت الاشارة إليه ، و استئجار عدد من سفن الشحن الاسبانية .
·        النمسا :  اضطرت إلى التأييد بعدما كانت في الصف البريطاني المعارض الوحيد ، حيث كان مستشارها مترنيخ يميل إلى موقف بريطانيا ، و في ذات الوقت كان يميل و حكومته إلى تحويل اهتمام فرنسا إلى التوسع خارج أوروبا ، كما عليها مجاراة حليفتها روسيا و بروسيا في تأييد الخطوة الفرنسية ، فقبلت النمسا بالأمر الواقع .
·        بروسيا : أيدت الغزو و عرضت خدمات ضباطها على فرنسا لتضعف اهتمامها بالمسائل الأوروبية خاصة منطقة الراين ، و لعدم اهتمامها هي بالبحر المتوسط ، فضلا عن وقوعها تحت ضغط حليفتها روسيا.
·        بريطانيا :  عارضت الغزو و احتجت عليه ، لأنها رأت في ذلك  تهديدا لتفوقها و مصالحها في البحر الأبيض المتوسط ، و أعلنت أنها لن تسمح بأكثر من عملية قصف لتأديب مدينة الجزائر ، و لكن بريطانيا لم تستطع ترجمة هذا الموقف عمليا.
حيث امتنعت عن القيام بأي عمل لإعاقة الغزو أو إجبار فرنسا على الانسحاب لتوقعها انهزام الفرنسيين في الجزائر ، و رهان بعض ساستها على أن فرنسا متى تورطت و غدت مهددة بالهزيمة ، ستلتمس من بريطانيا التدخل لمساعدتها ، و عندها تصبح بريطانيا سيدة الموقف ، و كذا لعدم وجود نية لدى حكومتها بخوض حرب ضد فرنسا بسبب الجزائر.
·         الدول الاسكندينافية  و دول الضفة الشمالية للبحر المتوسط : أيدت الحملة بعد المساعي الدبلوماسية المبذولة في هذا الإطار.
·        الولايات المتحدة الأمريكية : روى جول كامبون الذي حكم الجزائر بين ( 1891-1897) أن الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت قد عبر له عن امتنان أمريكا لقضاء فرنسا على القرصنة في الجزائر سنة 1830 ، لأن الفرنسيين هم الذين خلصوا أمريكا مما لا يليق بها و هو دفع اتاوات إلى قراصنة الجزائر لحماية تجارتها. و نسب كامبون إلى روزفلت أنه قال له " إنكم بالقضاء على هؤلاء القراصنة قد خدمتم كل الأمم المتحضرة."
2-              على المستوى العربي :
·        تونس : كان باي تونس من المؤيدين للاحتلال انتقاما من دايات الجزائر الذين كانوا يعتبرون تونس تابعة لهم .
·        المغرب : التزم التحفظ و الصمت .
·         طرابلس : فقد عارضت الحملة سياسيا و لم تجسد ذلك عمليا .
3-              على مستوى الدولة العثمانية :  أما بالنسبة إلى الحليف الإسلامي الأكبر و الدولة الأم فلم يكن موقفها في مستوى الحدث نظرا لحالة الضعف التي كانت تعيشها بتفشي الفوضى في قواتها العسكرية و عدم مواكبتها للتطورات الحضارية الحاصلة في أوروبا ، و بالتالي اقتصر موقفها في إرسال مبعوث خاص هو الطاهر باشا لتبديد الخلاف بين الجزائر وفرنسا ، و لكن هاته الوساطة جاءت متأخرة ، ثم إن فرنسا لم تعرض اهتماما ، و قد كانت قواتها قد حققت انتصارا على الأرض و الميدان.
المراجع المعتمدة في المحاضرة الرابعة   :
1-               عمار بوحوش ، التاريخ السياسي للجزائر من البداية و لغاية 1962 ، ط 1 ، بيروت ، دار العرب الاسلامي ، 1997
2-               عمار عمورة ، موجز في تاريخ الجزائر ، ط 1 ، الجزائر ، دار ريحانة ، 2002
3-               صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر ( من عهد الفينقيين إلى خروج الفرنسيين 814 ق.م – 1962 م ) ، (ب.ط) ، دار العلوم للنشر و التوزيع ، ( ب.س.ط)
4-               الكتاب المدرسي ، ج 1 ، السنة الثالثة ثانوي
5-               مولود قاسم نايت بلقاسم ، شخصية الجزائر الدولية و هيبتها العالمية قبل 1830 ، ط 2 ، الجزء الثاني ، الجزائر ، شركة دار الأمة ، 2007.
6-               أبو القاسم سعد الله ، محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث ( بداية الاحتلال) ، ط 3 ، الجزائر ، الشركة الوطنية لنشر و التوزيع ، 1982
7-               بشير بلاح ، تاريخ الجزائر المعاصر ( 1830-1989 ) ، ج 1 ، الجزائر ، دار المعرفة ، ( ب.س .ط )
8-               صالح فركوس ، محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث و المعاصر ( 1830-1925) ، ( ب . ط ) ، الجزائر ، مديرية النشر لجامعة 08 ماي 1945 قالمة ، 2010
9-               صالح عباد ، الجزائر خلال الحكم التركي ( 1514-1830) ، الجزائر ، دار هومة للطباعة و النشر ة التوزيع ، ( ب .س .ط)












هناك 16 تعليقًا:

  1. شكرااااااااا جزيلا الله يجازيك ❤❤❤

    ردحذف
  2. ربي يجازيك بارك الله فيك

    ردحذف
  3. لم اتوقع ان الداي حسين يوقع معاهدة استلام مع الفرنسيين و يسلم لهم مدينة الجزائر و يقبل بكل شروط المعاهدة التي جاءت بها فرنسا ثم يغادر الجزائر باتجاه ايطاليا ففرنسا و يستقر به الحال بالاسكندرية الى ان وافته المنية عام 1834 بعد ان اعدم قائد جيشه يحي اغا و عين بدله صهره ابراهيم اغا عام 1827 هذا الاخير الذي لا يفقه شيئا في الفنون و الاستراتيجية الحربية.(شيئ محزن و مؤسف).

    ردحذف
  4. من فضلك اريد المراجع التي استهدفت منها شكرا جزيلا

    ردحذف
  5. شكرا أستاذة محاضرتك فالقمة وأسلوب سهل غير مطول وغير ناقص الله يبارك بالنسبة للمعلومات اريد سؤال هل التحالف الأوروبي ضد الجزائر نفس المواقف الأوروبية

    ردحذف
  6. Did you realize there's a 12 word phrase you can speak to your crush... that will trigger intense emotions of love and instinctual attraction to you buried inside his chest?

    That's because hidden in these 12 words is a "secret signal" that triggers a man's impulse to love, admire and care for you with his entire heart...

    12 Words That Fuel A Man's Desire Impulse

    This impulse is so hardwired into a man's brain that it will drive him to work harder than ever before to make your relationship as strong as it can be.

    As a matter of fact, fueling this mighty impulse is so binding to achieving the best possible relationship with your man that the instance you send your man one of the "Secret Signals"...

    ...You'll instantly notice him expose his heart and mind to you in such a way he haven't experienced before and he will distinguish you as the only woman in the world who has ever truly fascinated him.

    ردحذف
  7. الله يرحم الشهداء

    ردحذف
  8. بركة الله فيك أختي على هذه المعلومات.

    ردحذف
  9. •اللّـہ̣̥ •اللّـہ̣̥ •اللّـہ̣̥ •اللّـہ̣̥ _ًًْ ٌٌـــ<°*°>ـــٔٔٔ ًًًِِٓٓ

    ردحذف
  10. من فضلك ترقيم المراجع في المحاضرة غير موجود

    ردحذف